سجّلت الأسهم الأوروبية ارتفاعاً طفيفاً يوم الثلاثاء بينما يستعد المستثمرون لأسبوع تداول حافل بالعديد من القرارات المرتقبة من مختلف البنوك المركزية، وعلى رأسها الاحتياطي الفدرالي.

واختتمت بورصة وول ستريت جلستها خلال الليل في النطاقات الإيجابية برغم ما شابها من تقلُّب بين الخسائر والمكاسب، بينما شهد الدولار القوي تراجعاً طفيفاً في صدارته لسوق العملات العالمية. وفي مجال السلع الأساسية، تتلمس أسعار الذهب طريقها بصعوبة لتحديد الاتجاه في انتظار نتائج اجتماع اللجنة الفدرالية للأسواق المفتوحة. ومن ناحيته، يبدو النفط في طريقه إلى الاستقرار بعد مرحلة التقلب التي شهدها خلال الجلسة السابقة جرّاء مخاوف النمو والطلب.

وتتجه الأنظار نحو قرارات البنوك المركزية هذا الأسبوع، لا سيما مع انطلاق أعمال اجتماع الاحتياطي الفدرالي بشأن السياسة النقدية اليوم، والذي يستمر على مدى يومين. وتُشير التوقعات بشكل كبير إلى توجه البنك المركزي الأمريكي لاعتماد باقة من القرارات الجريئة الرامية لمواجهة التضخم بعد الاتجاه التصاعدي المُفاجئ الذي سجّله مؤشر الأسعار الاستهلاكية الأمريكي الأسبوع الماضي. وتُسلّط الأضواء يوم الخميس على كُلٍّ من بنك اليابان وبنك إنجلترا والبنك الوطني السويسري والبنك المركزي النرويجي بينما تستعد لعقد اجتماعاتها الخاصة بشأن السياسة النقدية. وتوفر هذه الأحداث عالية المخاطر إمكانية تعزيز التقلب في أسواق العملات والسلع الأساسية والأسهم على حدّ سواء.

ويشكل الحذر، وسط هذه الأحداث، العنوان الرئيسي للمرحلة، لا سيما مع اكتفاء المستثمرين بمراقبة ما يجري عن بُعد. ورغم ما تبذله البنوك المركزية من جهود إضافية لاحتواء التضخم، قد تُثير المخاوف بشأن التداعيات الصعبة لهذه الخطوات على اقتصاداتها المحلية قلق جميع الأطراف الفاعلة في السوق بشكل كبير. ومن شأن تراجع الرغبة في المجازفة وسط مخاوف النمو أن يستنزف المضاربين على ارتفاع قيمة الأسهم إلى حدّ أبعد، ما يفسح المجال أمام المزيد من الخسائر في مُختلف أسواق الأسهم العالمية.

توقعات باعتماد الاحتياطي الفدرالي لباقة جديدة من القرارات النقدية الجريئة

تُشير التوقعات إلى أنّ الاحتياطي الفدرالي في طريقه غداً لرفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس للاجتماع الثالث على التوالي. ومع ذلك، يتّجه القدر الأكبر من التركيز على المُلخص المُحدّث للتوقعات الاقتصادية والمؤتمر الصحفي الذي سيعقده رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول بعد الاجتماع. وسيتفحص المستثمرون المخطط البياني للوقوف على أيّ أدّلة حول موعد ومرحلة انتهاء دورة رفع أسعار الفائدة التي يعتمدها الاحتياطي الفدرالي. وتشهد الأسواق في المرحلة الراهنة وصول معدلات أسعار الفائدة الأمريكية إلى 4% بحلول ديسمبر لعام 2022، في مؤشر على إمكانية اعتماد زيادة أقل في أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في مناسبتين في نوفمبر وديسمبر بعد رفعها بنسبة 75 نقطة أساس خلال اجتماع يوم الأربعاء. وقد يوفر المؤتمر الصحفي لباول نظرة أوضح حول هذا الموضوع والتوقعات المرتقبة من الاحتياطي الفدرالي على مدى الأشهر المقبلة وفي عام 2023.

وسيحظى المضاربون على ارتفاع قيمة الدولار بجرعة جديدة من الثقة في حال مضى الاحتياطي الفدرالي في زيادة أسعار الفائدة بمعدل الـ 75 نقطة أساس المتوقعة. لكن ينبغي أن تترافق هذه الخطوة مع تصريحات قوية من باول وتقديم مخطط بياني يشير إلى زيادات أكثر جرأة في أسعار الفائدة في الربع الأخير من العام الجاري وربما حتى في عام 2023. ومن ناحية أخرى، سيتعرض الدولار الأمريكي لصدمة قوية في حال فاجأ الاحتياطي الفدرالي الأسواق بزيادة أقلّ من المتوقعة في أسعار الفائدة وتصريحات متسامحة مع التضخم من قبل باول، في خطوة ستُسرع من عمليات بيع العملة الأمريكية. ونتوقع أن يشهد الدولار تقلباً بصرف النظر عن نتيجة الاجتماع، مع توقعات بكثير من التحركات في عموم سوق العملات العالمي.

لمحة على العملات - زوج الجنيه الإسترليني الدولار الأمريكي

تراجع زوج الجنيه الإسترليني الدولار الأمريكي الأسبوع الماضي إلى مستويات لم يشهدها منذ عام 1985، لا سيما وأنّ الغموض الذي يلف آفاق الاقتصاد البريطاني ألقى بظلاله السلبية على إقبال المستثمرين على الجنيه الإسترليني. كما ألحق الدولار القوي المزيد من الأضرار بالجنيه الإسترليني مع تداول الأسعار حول 1.1430 لغاية تاريخ كتابة هذا التقرير.

وتوقّع غالبية الخبراء الاقتصاديين، الذين استطلعت بلومبيرغ آراءهم يوم الخميس، توجه بنك إنجلترا لرفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية. ورغم تباطؤ معدل التضخم السنوي في المملكة المتحدة بشكل غير متوقع إلى 9.9% في أغسطس من 10.1%، فما زالت هذه الأرقام مرتفعة للغاية وتُشكّل خمسة أضعاف الهدف المُعتمد من البنك عند 2%.

ويُمكن أن يحظى الجنيه الإسترليني بدعمٍ قصير الأجل في حال اعتمد بنك إنجلترا نبرة داعمة لكبح التضخم وأظهر مؤشرات حول إمكانية إقرار المزيد من الزيادات على أسعار الفائدة خلال المرحلة المقبلة. ومع ذلك، قد تتعطل المكاسب التصاعدية هذه جرّاء مخاوف النمو، لا سيما وأنّ أسعار الفائدة المرتفعة تُلقي بظلالها السلبية على الاقتصاد البريطاني. ومن جانب آخر، سيدفع أيُّ موقف متساهل من بنك إنجلترا تجاه التضخم بما يعبّر عن القلق من حالة الاقتصاد البريطاني، الجنيه الإسترليني المنهك أصلاً إلى المزيد من الخسائر. ومن الناحية الفنية، يتعرض زوج الجنيه الإسترليني الدولار الأمريكي للضغط على الجداول البيانية اليومية، علماً أنّ المسار الأقل مقاومة يكمن في المزيد من التراجع. ويُمكن لإغلاق قوي دون 1.1400 أن يُشجع المضاربين على تراجع قيمة العملة للإقبال على هذا المنحنى التنازلي مع تسجيل أدنى المستويات خلال الأسبوع الماضي عند 1.1350.

لمحة على السلع الأساسية – الذهب

تشير التوقعات إلى تعرّض الذهب لمزيد من الخسائر هذا الأسبوع بسبب الاحتياطي الفدرالي.

وعانى المعدن الثمين من شهرٍ صعب بسبب ارتفاع قيمة الدولار وزيادة عائدات سندات الخزينة. ويبدو بأنّ المضاربين قد انتصروا في جولة سبتمبر بعد أن تراجع الذهب لما دون المستوى النفسي عند 1700 دولار للأونصة خلال الأسبوع الماضي. ومع ذلك، ما زالت الضغوطات محتدمة على مُختلف القوى الأساسية المؤثرة على أسعار الذهب.

ونجد عند النظر إلى حركة الأسعار من الناحية الفنية بأنّ الذهب محصور ضمن نطاق قصير الأمد دون مستوى المقاومة الأساسي. ومن شأن استمرار التراجع إلى ما دون 1680 دولار للأونصة أن يفسح المجال أمام مزيد من الهبوط إلى أقل من 1659 دولار للأونصة، في مستوى لم تشهده السوق منذ بداية أبريل 2020.

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.